الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
هُمَا عِيدُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ, وَهُوَ: أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ, وَيَوْمُ الأَضْحَى: وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ, لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ غَيْرُهُمَا, إلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَثَلاَثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الأَضْحَى; لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ عِيدًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا, وَلاَ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم . وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فِي ذَلِكَ, وَلاَ يَحْرُمُ الْعَمَلُ, وَلاَ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ: لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ, وَلاَ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ خِلاَفَ أَيْضًا بَيْنَ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فِي هَذَا وَسُنَّةُ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ: أَنْ يَبْرُزَ أَهْلُ كُلِّ قَرْيَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ إلَى فَضَاءٍ وَاسِعٍ بِحَضْرَةِ مَنَازِلِهِمْ ضَحْوَةً إثْرَ ابْيِضَاضِ الشَّمْسِ, وَحِينَ ابْتِدَاءِ جَوَازِ التَّطَوُّعِ. وَيَأْتِي الإِمَامُ فَيَتَقَدَّمُ بِلاَ أَذَانٍ، وَلاَ إقَامَةٍ, فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ, وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ " أُمُّ الْقُرْآنِ " وَسُورَةٌ, وَتُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ السُّورَةُ فِي الآُولَى " ق ". وَفِي الثَّانِيَةِ " اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ " أَوْ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ". وَ " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ". وَمَا قَرَأَ مِنْ الْقُرْآنِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَهُ. وَيُكَبِّرُ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى إثْرَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ: سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ مُتَّصِلَةٍ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَيُكَبِّرُ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ إثْرَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ: خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ. يَجْهَرُ بِجَمِيعِهِنَّ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ أُمَّ الْقُرْآنِ. وَلاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلاَّ حَيْثُ يَرْفَعُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَقَطْ. وَلاَ يُكَبِّرُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ إلاَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ فَقَطْ. فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جِلْسَةً, فَإِذَا أَتَمَّهُمَا افْتَرَقَ النَّاسُ. فَإِنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلَيْسَتْ خُطْبَةً, وَلاَ يَجِبُ الإِنْصَاتُ لَهُ, كُلُّ هَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ إلاَّ فِي مَوَاضِعَ نَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: مِنْهَا: مَا يُقْرَأُ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَفِي صِفَةِ التَّكْبِيرِ وَأَحْدَثَ بَنُو أُمَيَّةَ: تَأْخِيرَ الْخُرُوجِ إلَى الْعِيدِ, وَتَقْدِيمَ الْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَالأَذَانِ وَالإِقَامَةِ فأما الَّذِي يُقْرَأُ مَعَ " أُمِّ الْقُرْآنِ ": فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى سُورَةٍ بِعَيْنِهَا. وَشَاهَدْنَا الْمَالِكِيِّينَ لاَ يَقْرَءُونَ مَعَ " أُمِّ الْقُرْآنِ " " إلاَّ " " وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ", وَ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ". وَهَذَانِ الاِخْتِيَارَانِ: فَاسِدَانِ, وَإِنْ كَانَتْ الصَّلاَةُ كَذَلِكَ جَائِزَةً. وَإِنَّمَا نُنْكِرُ اخْتِيَارَ ذَلِكَ, لأَِنَّهُمَا خِلاَفُ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَرَأْت عَلَى مَالِكٍ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِطْرِ, وَالأَضْحَى فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَ اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ. قال أبو محمد: عُبَيْدُ اللَّهِ أَدْرَكَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ وَسَمِعَ مِنْهُ, وَاسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ, وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا وَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مَحْمُودُ بْنُ غِيلاَنَ، حدثنا وَكِيعٌ، حدثنا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ, وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ كِلاَهُمَا عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ: سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ. وَاخْتِيَارُنَا هُوَ اخْتِيَارُ الشَّافِعِيِّ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْضَ ذَلِكَ وَمِنْهَا التَّكْبِيرُ, فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: يُكَبِّرُ لِلإِحْرَامِ ثُمَّ يَتَعَوَّذُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ يَجْهَرُ بِهَا, وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ, ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, فَإِذَا قَامَ بَعْدَ السُّجُودِ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَبَّرَ لِلإِحْرَامِ ثُمَّ قَرَأَ, فَإِذَا أَتَمَّ السُّورَةَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ كَبَّرَ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ جَهْرًا, يَرْفَعُ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ يَدَيْهِ, ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ. وقال مالك: سَبْعًا فِي الآُولَى بِتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ, وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ سِوَى تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ رضي الله عنهم: فَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ, وَالأَضْحَى, وَالاِسْتِسْقَاءِ سَبْعًا فِي الآُولَى, وَخَمْسًا فِي الآخِرَةِ, وَيُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ, وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ. وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ, وَعُمَرَ, وَعُثْمَانَ: كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ, إلاَّ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى, وَهُوَ أَيْضًا مُنْقَطِعٌ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: أَنَّ عَلِيًّا وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ, وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ قَالَ: شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَبَّرَ فِي الآُولَى سَبْعًا, وَفِي الآُخْرَى خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. وَهَذَا سَنَدٌ كَالشَّمْسِ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ, وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ, فَسَأَلَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَنْ التَّكْبِيرِ فِي الصَّلاَةِ يَوْمَ الْفِطْرِ, وَالأَضْحَى فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ يَقْرَأُ, ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ, ثُمَّ يَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ, وَقَتَادَةَ كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، هُوَ ابْنُ نَوْفَلٍ قَالَ: كَبَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَ الْعِيدِ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ, ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ سِوَى تَكْبِيرَةِ الصَّلاَةِ وَهَذَانِ إسْنَادَانِ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ, وَبِهَذَا تَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ, قال أبو محمد: أَيْنَ وُجِدَ لِهَؤُلاَءِ رضي الله عنهم أَوْ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مَا قَالَهُ مِنْ أَنْ يَتَعَوَّذَ إثْرَ الآُولَى ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلاَثًا, وَأَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَهُنَّ فَبَطَلَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِصَاحِبٍ. وَأَطْرَفُ ذَلِكَ أَمْرُهُ بِرَفْعِ الأَيْدِي فِي التَّكْبِيرِ, الَّذِي لَمْ يَصِحَّ قَطُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ فِيهِ يَدَيْهِ, وَنَهْيُهُ عَنْ رَفْعِ الأَيْدِي فِي التَّكْبِيرِ فِي الصَّلاَةِ حَيْثُ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَهَكَذَا فَلْيَكُنْ عَكْسَ الْحَقَائِقِ, وَخِلاَفَ السُّنَنِ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ قَالَ: يُكَبِّرُ تِسْعًا أَوْ إحْدَى عَشَرَةَ, أَوْ ثَلاَثَ عَشَرَةَ وَهَذَا سَنَدٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: التَّكْبِيرُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى أَرْبَعًا, وَفِي الآخِرَةِ ثَلاَثًا, وَالتَّكْبِيرُ سَبْعٌ سِوَى تَكْبِيرِ الصَّلاَةِ إلاَّ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ قال أبو محمد: وَفِي هَذَا آثَارٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا: مِنْهَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِد ٍعن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ, وَالأَضْحَى, فِي الآُولَى: سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ, وَفِي الثَّانِيَةِ: خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ سَبْعٌ فِي الآُولَى وَخَمْسٌ فِي الآخِرَةِ, وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَاهُمَا. وَهَذَا كُلُّهُ لاَ يَصِحُّ, وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَحْتَجَّ بِمَا لاَ يَصِحُّ كَمَنْ يَحْتَجُّ بِابْنِ لَهِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إذَا وَافَقَا هَوَاهُ, كَفِعْلِهِ فِي زَكَاةِ الإِبِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, وَيَرُدُّ رِوَايَتَهُمَا إذَا خَالَفَا هَوَاهُ هَذَا فِعْلُ مَنْ لاَ دِينَ لَهُ, وَلاَ يُبَالِي بِأَنْ يَضِلَّ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُضِلَّ وَمِنْهَا خَبَرٌ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ أَخْبَرَنِي أَبُو عَائِشَةَ جَلِيسُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ حَضَرَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ سَأَلَ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ, وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي الأَضْحَى, وَالْفِطْرِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا, تَكْبِيرُهُ عَلَى الْجَنَائِزِ, قَالَ حُذَيْفَةُ: صَدَقَ, قَالَ أَبُو مُوسَى كَذَلِكَ كُنْت أُكَبِّرُ بِالْبَصْرَةِ حَيْثُ كُنْتُ عَلَيْهِمْ. قال أبو محمد: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَوْبَانَ ضَعِيفٌ وَأَبُو عَائِشَةَ مَجْهُولٌ, لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَلاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ، وَلاَ تَصِحُّ رِوَايَةٌ عَنْهُ لأَِحَدٍ, وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ لِلْحَنَفِيِّينَ حُجَّةٌ, لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقُولُونَ مِنْ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ فِي الآُولَى بِتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ, وَأَرْبَعٌ فِي الثَّانِيَةِ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ, وَلاَ أَنَّ الآُولَى يُكَبِّرُ فِيهَا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ, وَفِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ, بَلْ ظَاهِرُهُ أَرْبَعٌ فِي كِلْتَا الرَّكْعَتَيْنِ فِي الصَّلاَةِ كُلِّهَا, كَمَا فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ. وَهَذَا قِيَاسٌ عَلَيْهِمْ لاَ لَهُمْ; لأَِنَّ تَكْبِيرَ الْجِنَازَةِ أَرْبَعٌ فَقَطْ, وَهُمْ يَقُولُونَ: بِسِتٍّ فِي كِلْتَا الرَّكْعَتَيْنِ دُونَ تَكْبِيرَتَيْ الإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ وَالْقِيَامِ, أَوْ بِعَشْرِ تَكْبِيرَاتٍ إنْ عَدُّوا فِيهَا تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ, وَالْقِيَامِ, وَالرُّكُوعِ, وَلَيْسَ فِيهِ رَفْعُ الأَيْدِي كَمَا زَعَمُوا, فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ جُمْلَةً وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. قَالَ عَلِيٌّ: وأما مَالِكٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ فِي الآُولَى سَبْعًا بِتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ, وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ دُونَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ, وَهَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ. وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا مَا اخْتَرْنَا, لأَِنَّهُ أَكْثَرُ مَا قِيلَ, وَالتَّكْبِيرُ خَيْرٌ, وَلِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ, فَلاَ يُحَقِّرُهَا إلاَّ مَحْرُومٌ, وَلَوْ وَجَدْنَا مَنْ يَقُولُ: بِأَكْثَرَ لَقُلْنَا بِهِ, لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَاخْتِيَارُنَا هُوَ اخْتِيَارُ الشَّافِعِيِّ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَمِنْهَا مَا أَحْدَثَ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلاَةِ, وَإِحْدَاثِ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ, وَتَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ, وَيَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ, أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ حدثنا أَبُو أُسَامَةَ هُوَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ. ثُمَّ اتَّفَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ, وَابْنُ عُمَرَ كِلاَهُمَا يَقُولُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ, وَعُمَرَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُثْمَانُ. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ: شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ, وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ, وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ, كُلُّهُمْ يُصَلِّي ثُمَّ يَخْطُبُ. وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى الْبُخَارِيِّ حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حدثنا هِشَامُ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عن ابْنِ عَبَّاسٍ, وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالاَ جَمِيعًا: لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ, وَلاَ يَوْمَ الأَضْحَى قَالَ عَلِيٌّ: لاَ أَذَانَ، وَلاَ إقَامَةَ لِغَيْرِ الْفَرِيضَةِ, وَالأَذَانُ وَالإِقَامَةُ فِيهِمَا الدُّعَاءُ إلَى الصَّلاَةِ, فَلَوْ أُمِرَ عليه السلام بِذَلِكَ لَصَارَتْ تِلْكَ الصَّلاَةُ فَرِيضَةً بِدُعَائِهِ إلَيْهَا وَاعْتَلُّوا: بِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا إذَا صَلُّوا تَرَكُوهُمْ وَلَمْ يَشْهَدُوا الْخُطْبَةَ, وَذَلِكَ لأَِنَّهُمْ كَانُوا يَلْعَنُونَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه, فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَفِرُّونَ, وَحُقَّ لَهُمْ, فَكَيْفَ وَلَيْسَ الْجُلُوسُ لِلْخُطْبَةِ وَاجِبًا حدثنا حمام بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْكَرْمَانِيُّ، حدثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِيدَ فَصَلَّى, ثُمَّ قَالَ عليه السلام: قَدْ قَضَيْنَا الصَّلاَةَ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ, وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ. قال أبو محمد: إنْ قِيلَ: إنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ أَرْسَلَهُ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى قلنا: نَعَمْ, فَكَانَ مَاذَا الْمُسْنِدُ زَائِدٌ عِلْمًا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُرْسِلِ, فَكَيْفَ وَخُصُومُنَا أَكْثَرُهُمْ يَقُولُ: إنَّ الْمُرْسَلَ وَالْمُسْنَدَ سَوَاءٌ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ, قَالَ: لَيْسَ حَقًّا عَلَى النَّاسِ حُضُورُ الْخُطْبَةِ, يَعْنِي فِي الْعِيدَيْنِ وَالآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا . وَيُصَلِّيهِمَا, الْعَبْدُ, وَالْحُرُّ, وَالْحَاضِرُ, وَالْمُسَافِرُ, وَالْمُنْفَرِدُ, وَالْمَرْأَةُ وَالنِّسَاءُ؛ وَفِي كُلِّ قَرْيَةٍ, صَغُرَتْ أَمْ كَبُرَتْ, كَمَا ذَكَرْنَا إلاَّ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لاَ يَخْطُبُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ مَشَقَّةٌ فِي الْبُرُوزِ إلَى الْمُصَلَّى صَلُّوا جَمَاعَةً فِي الْجَامِعِ لأَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي كَلاَمِنَا فِي الْقَصْرِ فِي صَلاَةِ السَّفَرِ وَصَلاَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّ صَلاَةَ الْعِيدِ رَكْعَتَانِ, فَكَانَ هَذَا عُمُومًا, لاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ نَصٍّ, وَقَالَ تَعَالَى: وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . فَإِنْ كَانَ قَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه حُجَّةً فِي هَذَا فَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمَرَ رَجُلاً أَنْ يُصَلِّيَ بِضَعَفَةِ النَّاسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْعِيدِ فَإِنْ ضَعَّفُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ قِيلَ لَهُمْ: هِيَ أَقْوَى مِنْ الَّتِي تَعَلَّقْتُمْ بِهَا عَنْهُ أَوْ مِثْلُهَا, وَلاَ فَرْقَ, وَكُلُّهُمْ مُجْمِعٌ عَلَى أَنَّ صَلاَةَ الْعِيدَيْنِ تُصَلَّى حَيْثُ تُصَلَّى الْجُمُعَةُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الْجُمُعَةِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ وَصَلاَتِهَا فِي الْمَوَاطِنِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ, وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما: أَنَّهُمَا صَلَّيَا الْعِيدَ بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَطَرٍ وَقَعَ يَوْمَ الْعِيدِ, وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْرُزُ إلَى الْمُصَلَّى لِصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ, فَهَذَا أَفْضَلُ, وَغَيْرُهُ يُجْزِئُ, لأَِنَّهُ فِعْلٌ لاَ أَمْرٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَيَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى: النِّسَاءُ حَتَّى الأَبْكَارُ, وَالْحُيَّضُ وَغَيْرُ الْحُيَّضِ, وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى, وأما الطَّوَاهِرُ فَيُصَلِّينَ مَعَ النَّاسِ, وَمَنْ لاَ جِلْبَابَ لَهَا فَلْتَسْتَعِرْ جِلْبَابًا وَلْتَخْرُجْ فَإِذَا أَتَمَّ الإِمَامُ الْخُطْبَةَ فَنَخْتَارُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُنَّ يَعِظُهُنَّ وَيَأْمُرْهُنَّ بِالصَّدَقَةِ, وَتُسْتَحَبُّ لَهُنَّ الصَّدَقَةُ يَوْمَئِذٍ بِمَا تَيَسَّرَ حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ، حدثنا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ: كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِينَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ, فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَتَيْتُهَا فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: لِتَخْرُجْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ قَالَ: وَذَوَاتُ الْخُدُورِ شَكَّ أَيُّوبُ وَالْحُيَّضُ, فَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى, وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حدثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حدثنا هِشَامُ، هُوَ ابْنُ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ, وَالأَضْحَى: الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ, وَذَوَاتَ الْخُدُورِ, فأما الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاَةَ, وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إحْدَانَا لاَ يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا. وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى الْبُخَارِيِّ حدثنا إِسْحَاقُ، هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى, فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ, ثُمَّ خَطَبَ, فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ, وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ, تُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ صَدَقَةً. وَقُلْت لِعَطَاءٍ: أَتَرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ ذَلِكَ, يَأْتِيَهُنَّ وَيُذَكِّرَهُنَّ قَالَ: إنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ, وَمَا لَهُمْ لاَ يَفْعَلُونَهُ وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَهِدْتُ صَلاَةَ الْفِطْرِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ, فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَخْطُبُ, فَنَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ حِينَ يَجْلِسُ الرِّجَالُ بِيَدِهِ, ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ, حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ فَقَالَ فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ, وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّهُ عليه السلام رَأَى حُضُورَ النِّسَاءِ الْمُصَلَّى, وَأَمَرَ بِهِ, فَلاَ وَجْهَ لِقَوْلِ غَيْرِهِ إذَا خَالَفَهُ، وَلاَ مُتَعَلِّقَ لِلْمُخَالِفِ إلاَّ رِوَايَةٌ عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ مَنَعَهُنَّ, وَقَدْ جَاءَ عن ابْنِ عُمَرَ خِلاَفُهَا, وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِابْنِ عُمَرَ إلاَّ أَنَّهُ إذْ مَنَعَهُنَّ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا بَلَغَهُ رَجَعَ إلَى الْحَقِّ كَمَا فَعَلَ إذْ سَبَّ ابْنَهُ أَشَدَّ السَّبِّ إذْ سَمِعَهُ يَقُولُ: نَمْنَعُ النِّسَاءَ الْمَسَاجِدَ لَيْلاً، وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ ادَّعَى امْرُؤٌ الإِجْمَاعَ عَلَى صِحَّةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ إلَى الْعِيدَيْنِ, وَأَنَّهُ لاَ يَحِلُّ مَنْعُهُنَّ: لَصُدِّقَ, لاَِنَّنَا لاَ نَشُكُّ فِي أَنَّ كُلَّ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَوْ بَلَغَهُ مِمَّنْ لَمْ يَحْضُرْ: فَقَدْ سَلَّمَ وَرَضِيَ وَأَطَاعَ, وَالْمَانِعُ مِنْ هَذَا مُخَالِفٌ لِلإِجْمَاعِ وَلِلسُّنَّةِ . وَنَسْتَحِبُّ السَّيْرَ إلَى الْعِيدِ عَلَى طَرِيقٍ وَالرُّجُوعَ عَلَى آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلاَ حَرَجَ, لأَِنَّهُ قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِالْقَوِيَّةِ . وَإِذَا اجْتَمَعَ عِيدٌ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ: صُلِّيَ لِلْعِيدِ, ثُمَّ لِلْجُمُعَةِ وَلاَ بُدَّ, وَلاَ يَصِحُّ أَثَرٌ بِخِلاَفِ ذَلِكَ لأَِنَّ فِي رُوَاتِهِ: إسْرَائِيلَ, وَعَبْدَ الْحُمَيْدِ بْنَ جَعْفَرٍ, وَلَيْسَا بِالْقَوِيَّيْنِ, وَلاَ مُؤْنَةَ عَلَى خُصُومِنَا مِنْ الاِحْتِجَاجِ بِهِمَا إذَا وَافَقَ مَا رَوَيَاهُ تَقْلِيدَهُمَا, وَهُنَا خَالَفَا رِوَايَتَهُمَا فأما رِوَايَةُ إسْرَائِيلَ, فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ قَالَ: نَعَمْ صَلَّى الْعِيدَ أَوَّلَ النَّهَارِ, ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ. وَرَوَى عَبْدُ الْحُمَيْدِ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ " اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ, فَأَخَّرَ الْخُرُوجَ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ, ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ فَأَطَالَ, ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, وَلَمْ يُصَلِّ لِلنَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْجُمُعَةَ, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَصَابَ السُّنَّةَ ". قال أبو محمد: الْجُمُعَةُ فَرْضٌ وَالْعِيدُ تَطَوُّعٌ, وَالتَّطَوُّعُ لاَ يُسْقِطُ الْفَرْضَ. وَالتَّكْبِيرُ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ: فَرْضٌ, وَهُوَ فِي لَيْلَةِ عِيدِ الأَضْحَى حَسَنٌ قَالَ تَعَالَى وَقَدْ ذَكَرَ صَوْمَ رَمَضَانَ: فَبِإِكْمَالِ عِدَّةِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَجَبَ التَّكْبِيرُ, وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ تَكْبِيرَةٌ. وأما لَيْلَةُ الأَضْحَى وَيَوْمُهُ, وَيَوْمُ الْفِطْرِ: فَلَمْ يَأْتِ بِهِ أَمْرٌ, لَكِنَّ التَّكْبِيرَ فِعْلُ خَيْرٍ وَأَجْرٍ .
وَيُسْتَحَبُّ الأَكْلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلاَ حَرَجَ, مَا لَمْ يَرْغَبْ عَنْ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ, وَإِنْ أَكَلَ يَوْمَ الأَضْحَى قَبْلَ غُدُوِّهِ إلَى الْمُصَلَّى فَلاَ بَأْسَ, وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ فَحَسَنٌ, وَلاَ يَحِلُّ صِيَامُهَا أَصْلاً حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ قال أبو محمد: يَلْزَمُ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ أَنْ يُوجِبَ: التَّمْرَ, دُونَ غَيْرِهِ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ مِنْ الْمَسْجِدِ, وَلاَ أَعْلَمُهُ أَكَلَ شَيْئًا. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ, وَالأَسْوَدِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: لاَ تَأْكُلُوا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا يَوْمَ الْفِطْرِ إنْ شِئْتُمْ وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إنْ شَاءَ طَعِمَ يَوْمَ الْفِطْرِ, وَالأَضْحَى, وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَطْعَمْ .
وَالتَّنَفُّلُ قَبْلَهُمَا فِي الْمُصَلَّى حَسَنٌ, فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلاَ حَرَجَ, لأَِنَّ التَّنَفُّلَ فِعْلُ خَيْرٍ فإن قيل: قَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا, وَلاَ بَعْدَهُمَا قلنا: نَعَمْ; لأَِنَّهُ عليه السلام كَانَ الإِمَامَ, وَكَانَ مَجِيئُهُ إلَى التَّكْبِيرِ لِصَلاَةِ الْعِيدِ بِلاَ فَصْلٍ, وَلَمْ يَنْهَ عليه السلام قَطُّ لاَ بِإِيجَابٍ، وَلاَ بِكَرَاهَةٍ عَنْ التَّنَفُّلِ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ صَلاَةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا, وَلَوْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً لِبَيْنِهَا عليه السلام. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزِدْ قَطُّ فِي لَيْلَةٍ عَلَى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً, أَفَتَكْرَهُونَ الزِّيَادَةَ أَوْ تَمْنَعُونَ مِنْهَا فَمِنْ قَوْلِهِمْ: لاَ, فَيُقَالُ لَهُمْ: فُرِّقُوا، وَلاَ سَبِيلَ إلَى فَرْقٍ وَرُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ, وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ, وَالْحَسَنُ, وَأَخُوهُ سَعِيدٌ, وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ يُصَلُّونَ قَبْلَ خُرُوجِ الإِمَامِ وَبَعْدَهُ: يَعْنِي فِي الْعِيدَيْنِ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ: رَأَيْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَالْحَسَنَ يُصَلِّيَانِ قَبْلَ صَلاَةِ الْعِيدِ. وَعَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ, وَالْحَسَنَ, وَأَخَاهُ سَعِيدًا, وَأَبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ: يُصَلُّونَ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ خُرُوجِ الإِمَامِ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ أَتَى الْمُصَلَّى فَرَأَى النَّاسَ يُصَلُّونَ, فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لاَ أَكُونُ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إذَا صَلَّى .
وَالتَّكْبِيرُ إثْرَ كُلِّ صَلاَةٍ, وَفِي الأَضْحَى, وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ, وَيَوْمِ عَرَفَةَ: حَسَنٌ كُلُّهُ; لأَِنَّ التَّكْبِيرَ فِعْلُ خَيْرٍ وَلَيْسَ هَهُنَا أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَخْصِيصِ الأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ دُونَ غَيْرِهَا. وَرُوِّينَا عَنْ الزُّهْرِيِّ, وَأَبِي وَائِلٍ, وَأَبِي يُوسُفُ, وَمُحَمَّدٍ: اسْتِحْبَابَ التَّكْبِيرِ غَدَاةَ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَ الْعَصْرِ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ كِلاَهُمَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ الأَسْوَدِ وَأَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُكَبِّرُ صَلاَةَ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي رِوَايَتِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ, اللَّهُ أَكْبَرُ, لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ, اللَّهُ أَكْبَرُ, اللَّهُ أَكْبَرُ, الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَعَنْ عَلْقَمَةَ مِثْلُ هَذَا, وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى صَلاَةِ الصُّبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قال أبو محمد: مَنْ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى تَكْبِيرِ أَيَّامِ مِنًى فَقَدْ أَخْطَأَ, لأَِنَّهُ قَاسَ مَنْ لَيْسَ بِحَاجٍّ عَلَى الْحَاجِّ, وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُمْ لاَ يَقِيسُونَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي التَّلْبِيَةِ, فَيَلْزَمُهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي التَّكْبِيرِ. وَلاَ مَعْنَى لِمَنْ قَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ فِي الأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ, لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ. وَقَالَ: إنَّ يَوْمَ النَّحْرِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومَاتِ وَمَا بَعْدَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ; لأَِنَّهُ دَعْوَى فَاسِدَةٌ, وَمَا حَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ ذِكْرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الأَيَّامِ، وَلاَ مَعْنَى لِمَنْ اقْتَصَرَ بِالْمَعْلُومَاتِ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ; لأَِنَّ النَّصَّ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ, بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ يَوْمَ الْفِطْرِ, وَلاَ يَوْمَ الأَضْحَى لِصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ خَرَجَ لِصَلاَتِهِمَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي, وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ غُدْوَةً خَرَجَ مَا لَمْ تَزُلْ الشَّمْسُ, لأَِنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ, وَقَالَ تَعَالَى: حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ هُوَ الْحَوْضِيُّ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلاَلَ بِالأَمْسِ, فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا وَإِذَا أَصْبَحُوا يَغْدُوا إلَى مُصَلاَّهُمْ. قال أبو محمد: هَذَا مُسْنَدٌ صَحِيحٌ, وَأَبُو عُمَيْرٍ مَقْطُوعٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَامِهِ مَنْ صَحَّتْ صُحْبَتُهُ مِمَّنْ لَمْ تَصِحَّ صُحْبَتُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا عِلَّةً مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ هَذَا, وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ رضي الله عنهم, لِثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ, وَالشَّافِعِيِّ فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِي الثَّانِي مِنْ الأَضْحَى وَخَرَجَ فِي الثَّالِثِ فَقَدْ قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ, وَهُوَ فِعْلُ خَيْرٍ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ نَهْيٌ.
وَالْغِنَاءُ وَاللَّعِبُ وَالزَّفْنُ فِي أَيَّامِ الْعِيدَيْنِ حَسَنٌ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنَا عَمْرٌو، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ يَتِيمُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءٍ بُعَاثٍ فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: دَعْهَا فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا, وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ, يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ, فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا قَالَ: تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ, فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ, خَدِّي عَلَى خَدِّهِ, وَهُوَ يَقُولُ: دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ حَتَّى إذَا مَلِلْتُ قَالَ: حَسْبُكِ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ, قَالَ: فَاذْهَبِي . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيِّ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُغَنِّيَانِ وَتَضْرِبَانِ, وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسَجًّى بِثَوْبِهِ, فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ, فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ وَقَالَ: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ . وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ, حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ - عَنْ هِشَامٍ هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ حَبَشٌ يَزْفِنُونَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي الْمَسْجِدِ, فَدَعَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى مَنْكِبِهِ, فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إلَى لَعِبِهِمْ, حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّتِي انْصَرَفْتُ . وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِحِرَابِهِمْ إذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ, فَأَهْوَى إلَيْهِمْ لِيَحْصِبَهُمْ بِالْحَصْبَاءِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، دَعْهُمْ يَا عُمَرُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَيْنَ يَقَعُ إنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ مِنْ إنْكَارِ سَيِّدَيْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا صلى الله عليه وسلم - أَبِي بَكْرٍ, وَعُمَرَ رضي الله عنهما - ؟ وَقَدْ أَنْكَرَ عليه السلام عَلَيْهِمَا إنْكَارَهُمَا, فَرَجَعَا عَنْ رَأْيِهِمَا إلَى قَوْلِهِ عليه السلام.
قال أبو محمد: إنْ قَحَطَ النَّاسُ أَوْ أَشْتَدَّ الْمَطَرُ حَتَّى يُؤْذِيَ فَلْيَدْعُ الْمُسْلِمُونَ فِي إدْبَارِ صَلَوَاتِهِمْ وَسُجُودِهِمْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ, وَيَدْعُو الإِمَامُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: قَالَ تَعَالَى: فَإِنْ أَرَادَ الإِمَامُ الْبُرُوزَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ خَاصَّةً لاَ فِيمَا سِوَاهُ فَلْيَخْرُجْ مُتَبَذِّلاً مُتَوَاضِعًا إلَى مَوْضِعِ الْمُصَلَّى وَالنَّاسُ مَعَهُ, فَيَبْدَأُ فَيَخْطُبُ بِهِمْ خُطْبَةً يُكْثِرُ فِيهَا مِنْ الاِسْتِغْفَارِ, وَيَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَظَهْرَهُ إلَى النَّاسِ, فَيَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى رَافِعًا يَدَيْهِ, ظُهُورُهُمَا إلَى السَّمَاءِ, ثُمَّ يَقْلِبُ رِدَاءَهُ أَوْ ثَوْبَهُ الَّذِي يَتَغَطَّاهُ, فَيَجْعَلُ بَاطِنَهُ ظَاهِرَهُ, وَأَعْلاَهُ أَسْفَلَهُ, وَمَا عَلَى مَنْكِبٍ مِنْ مَنْكِبَيْهِ عَلَى الْمَنْكِبِ الآخَرِ, وَيَفْعَلُ النَّاسُ كَذَلِكَ. ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ, كَمَا قلنا فِي صَلاَةِ الْعِيدِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ, بِلاَ أَذَانٍ، وَلاَ إقَامَةٍ, إلاَّ أَنَّ صَلاَةَ الاِسْتِسْقَاءِ يَخْرُجُ فِيهَا الْمِنْبَرُ إلَى الْمُصَلَّى, وَلاَ يَخْرُجُ فِي الْعِيدَيْنِ, فَإِذَا سَلَّمَ انْصَرَفَ وَانْصَرَفَ النَّاسُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا آدَم، حدثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَحَوَّلَ إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو, ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ, ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حدثنا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي كِنَانَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الاِسْتِسْقَاءِ فَقَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَبَذِّلاً مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا, فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ, لَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي التَّضَرُّعِ, وَالدُّعَاءِ, وَالتَّكْبِيرِ, وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيدِ. قال أبو محمد: أَمَّا الاِسْتِغْفَارُ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَتَحْوِيلُ الرِّدَاءِ يَقْتَضِي مَا قُلْنَاهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وقال مالك: بِتَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ وقال الشافعي: صَلاَةُ الاِسْتِسْقَاءِ كَصَلاَةِ الْعِيدِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ السَّلَفِ خِلاَفَ هَذَا, وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَعَثَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ هُوَ الْخِطْمِيُّ أَنْ يَسْتَسْقِيَ بِالنَّاسِ, فَخَرَجَ فَاسْتَسْقَى بِالنَّاسِ, وَفِيهِمْ: الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ, وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ, فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ. قال أبو محمد: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ هَذَا صُحْبَةٌ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ, وَعُمَرَ, وَعُثْمَانَ, وَعَلِيٍّ: أَنَّهُمْ كَانُوا يُكَبِّرُونَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ, وَالْفِطْرِ, وَالأَضْحَى سَبْعًا فِي الآُولَى, وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ, وَيُصَلُّونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَيَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ, وَلَكِنْ فِي الطَّرِيقِ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى, وَهُوَ أَيْضًا مُنْقَطِعٌ. وَرُوِّينَا: أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى فَدَعَا فِي الاِسْتِسْقَاءِ, ثُمَّ انْصَرَفَ وَلَمْ يُصَلِّ. قال أبو محمد: وَلاَ يُمْنَعُ الْيَهُودُ, وَلاَ الْمَجُوسُ, وَلاَ النَّصَارَى: مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الاِسْتِسْقَاءِ لِلدُّعَاءِ فَقَطْ, وَلاَ يُبَاحُ لَهُمْ إخْرَاجُ نَاقُوسٍ، وَلاَ شَيْءَ يُخَالِفُ دِينَ الإِسْلاَمِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
صَلاَةُ الْكُسُوفِ عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنْ تُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ التَّطَوُّعِ, وَهَذَا فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ, وَفِي كُسُوفِ الْقَمَرِ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ، حدثنا يُونُسُ، هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ, حَتَّى انْتَهَى إلَى الْمَسْجِدِ, فَثَابَ النَّاسَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ, فَانْجَلَتْ الشَّمْسُ, فَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ, وَإِنَّهُمَا لاَ يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ, وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ, وَذَلِكَ أَنَّ ابْنًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَاتَ, يُقَالُ لَهُ: إبْرَاهِيمُ, فَقَالَ نَاسٌ فِي ذَلِكَ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا يَزِيدُ، هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ، حدثنا يُونُسُ، هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْكَسَفَتْ الشَّمْسُ, فَقَامَ إلَى الْمَسْجِدِ يَجُرُّ رِدَاءَهُ مِنْ الْعَجَلَةِ, فَقَامَ إلَيْهِ النَّاسُ, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلُّونَ, فَلَمَّا انْجَلَتْ خَطَبَنَا, فَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ وَإِنَّهُمَا لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلاَ لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ كُسُوفَ أَحَدِهِمَا فَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ. وَرُوِّينَا نَحْوَ هَذَا أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أَنَّ فِيهِ تَطْوِيلَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ. فَأَخَذَ بِهَذَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ: مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: صَلَّى فِي الْكُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ: فإن قيل: قَدْ خَطَّأَهُ أَخُوهُ عُرْوَةُ قلنا: عُرْوَةُ أَحَقُّ بِالْخَطَأِ; لأَِنَّ عَبْدَ اللَّهِ صَاحِبٌ, وَعُرْوَةَ لَيْسَ بِصَاحِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ عَمِلَ بِعِلْمٍ, وَأَنْكَرَ عُرْوَةُ مَا لَمْ يَعْلَمْ. وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ. قال أبو محمد: وَهَذَا الْوَجْهُ يُصَلَّى لِكُسُوفِ الشَّمْسِ, وَلِكُسُوفِ الْقَمَرِ فِي جَمَاعَةٍ, وَلَوْ صَلَّى ذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ تَظْهَرُ مِنْ زَلْزَلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَكَانَ حَسَنًا, لأَِنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ وَإِنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ, ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ, هَكَذَا حَتَّى يَنْجَلِيَ الْكُسُوفُ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ, وَالآيَاتُ كَمَا ذَكَرْنَا حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السَّلِيمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حدثنا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَصْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ عَنْهَا حَتَّى انْجَلَتْ. وَرُوِّينَا أَيْضًا قَوْلَهُ عليه السلام فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ, كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا. وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ, وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ, وَأَبِي مَسْعُودٍ, بِأَسَانِيدَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ, وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي مَا ذَكَرْنَا. وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ. وَقَالَ سُفْيَانُ: عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَقَالَ الرَّبِيعُ: عَنْ الْحَسَنِ ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ قَالاَ جَمِيعًا فِي الْكُسُوفِ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ, وَإِنْ شَاءَ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَدَعَا بَعْدَ أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا, فَإِذَا انْجَلَى الْكُسُوفُ قَرَأَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ هَذَا فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالآيَاتِ أَيْضًا. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ أَبِي الْعَلاَءِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُنْتُ أَرْمِي بِأَسْهُمٍ لِي فِي الْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ, فَنَبَذْتُهَا, وَقُلْتُ: وَاَللَّهِ لاََنْظُرَنَّ إلَى مَا حَدَثَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ, قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلاَةِ رَافِعٌ يَدَيْهِ, فَجَعَلَ يُسَبِّحُ وَيَحْمَدُ وَيُهَلِّلُ, وَيُكَبِّرُ, وَيَدْعُو حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا, فَلَمَّا حُسِرَ عَنْهَا قَرَأَ سُورَتَيْنِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَإِنْ شَاءَ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ خَاصَّةً إنْ كُسِفَتْ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَا. وَإِنْ كُسِفَتْ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الظُّهْرِ إلَى أَخْذِهَا فِي الْغُرُوبِ: صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ, كَصَلاَةِ الظُّهْرِ, أَوْ الْعَصْرِ وَفِي كُسُوفِ الْقَمَرِ خَاصَّةً: إنْ كُسِفَ بَعْدَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ إلَى أَنْ تُصَلِّيَ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ: صَلَّى ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ كَصَلاَةِ الْمَغْرِبِ. وَإِنْ كُسِفَ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَتَمَةِ إلَى الصُّبْحِ: صَلَّى أَرْبَعًا: كَصَلاَةِ الْعَتَمَةِ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، حدثنا خَالِدُ هُوَ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ فَزِعًا, حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ, فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي بِنَا حَتَّى انْجَلَتْ فَلَمَّا انْجَلَتْ قَالَ: إنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ إلاَّ لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ الْعُظَمَاءِ, وَلَيْسَ كَذَلِكَ, إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلاَ لِحَيَاتِهِ, وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى, وَإِنَّ اللَّهَ إذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلاَةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنْ الْمَكْتُوبَةِ. فإن قيل: إنَّ أَبَا قِلاَبَةَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ قَبِيصَةَ الْعَامِرِيِّ قلنا: نَعَمْ, فَكَانَ مَاذَا وَأَبُو قِلاَبَةَ قَدْ أَدْرَكَ النُّعْمَانَ فَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْهُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ آخَرَ فَحَدَّثَ بِكِلْتَا رِوَايَتَيْهِ, وَلاَ وَجْهَ لِلتَّعَلُّلِ بِمِثْلِ هَذَا أَصْلاً، وَلاَ مَعْنًى لَهُ وَإِنْ شَاءَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ خَاصَّةً: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ, فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ, يَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ, فَيَقْرَأُ. ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقُولُ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ. ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ أُخْرَى, فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ, كَمَا وَصَفْنَا, ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ, ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ, وَالشَّافِعِيِّ, وَأَحْمَدَ, وَأَبِي ثَوْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ, ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً, ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ, ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ, ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ, ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ, ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ, ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ. وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ وَرُوِّينَا أَيْضًا مِثْلَهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَإِنْ شَاءَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ خَاصَّةً رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ, يَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقُولُ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ: ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ أَيْضًا رَكْعَةً فِيهَا ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ كَمَا ذَكَرْنَا, ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَسْجُدُ, ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. وَقَدْ رُوِّينَا مَا يُظَنُّ فِيهِ هَذَا الْفِعْلُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: أَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ بِالْبَصْرَةِ, قَامَ بِالنَّاسِ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَكَعَ, ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا, ثُمَّ قَرَأَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقْرَأَ, ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ. وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى بِالْبَصْرَةِ فِي الزَّلْزَلَةِ فَأَطَالَ الْقُنُوتَ, ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقُنُوتَ, ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقُنُوتَ, ثُمَّ رَكَعَ, ثُمَّ سَجَدَ, ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ, فَصَارَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. وَقَالَ: هَكَذَا صَلاَةُ الآيَاتِ قَالَ قَتَادَةُ: صَلَّى حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ بِأَصْحَابِهِ مِثْلَ صَلاَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الآيَاتِ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ, وَفَعَلَ فِي الآُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: صَلاَةُ الآيَاتِ سِتُّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَإِنْ شَاءَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ خَاصَّةً رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ, يَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقُولُ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ, ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ أَيْضًا سَوَاءً بِسَوَاءٍ, ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُس ٍعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَسَفَتْ الشَّمْسُ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِثْلُ ذَلِكَ وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، حدثنا حَبِيبُ، هُوَ ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُس ٍعن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفٍ, قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ, ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ, ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ, ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ, ثُمَّ سَجَدَ, قَالَ: وَالآُخْرَى مِثْلُهَا. وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ كَمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ فَعَلَهُ أَيْضًا ابْنُ عَبَّاسٍ, وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلَ أَخْبَرَهُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ: صَلَّى إذْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى ظَهْرِ صِفَةِ زَمْزَمَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ. وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ رَكْعَتَيْنِ, فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ, كَمَا رَوَى. وَإِنْ شَاءَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ خَاصَّةً رَكْعَتَيْنِ, فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسَ رَكَعَاتٍ, يَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْكَعُ, ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ، حدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ فِي صَلاَةِ الآيَاتِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مُبَيَّنًا فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ بِصِفَةِ الْعَمَلِ كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْمُبَارَكِ بْنِ فُضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَّى فِي كُسُوفٍ عَشْرَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ قال أبو محمد: كُلُّ هَذَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَمَّنْ عَمِلَ بِهِ مِنْ صَاحِبٍ أَوْ تَابِعٍ وَرُوِيَ عن الْعَلاَءِ بْنِ زِيَادٍ الْعَدَوِيِّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَنَّ صِفَةَ صَلاَةِ الْكُسُوفِ: أَنْ يَقْرَأَ ثُمَّ يَرْكَعَ فَإِنْ لَمْ تَنْجَلِ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ, فَقَرَأَ هَكَذَا أَبَدًا حَتَّى تَنْجَلِيَ, فَإِذَا انْجَلَتْ سَجَدَ ثُمَّ رَكَعَ الثَّانِيَةَ. وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ نَحْوَ هَذَا قال أبو محمد: لاَ يَحِلُّ الاِقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الآثَارِ دُونَ بَعْضٍ; لأَِنَّهَا كُلَّهَا سُنَنٌ, وَلاَ يَحِلُّ النَّهْيُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ فأما مَالِكٌ: فَإِنَّهُ فِي اخْتِيَارِهِ بَعْضِ مَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما وَتَقْلِيدُ أَصْحَابِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ: هَادِمُونَ أَصْلاً لَهُمْ كَبِيرًا, وَهُوَ أَنَّ الثَّابِتَ عَنْ عَائِشَةَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ خِلاَفُ مَا رَوَيَا مِمَّا اخْتَارَهُ مَالِكٌ كَمَا أَوْرَدْنَا آنِفًا. وَمِنْ أَصْلِهِمْ أَنَّ الصَّاحِبَ إذَا صَحَّ عَنْهُ خِلاَفَ مَا رَوَى كَانَ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى نَسْخِهِ; لأَِنَّهُ لاَ يَتْرُكُ مَا رَوَى إلاَّ لأَِنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا بِسُنَّةٍ هِيَ أَوْلَى مِنْ الَّتِي تَرَكَ, وَهَذَا مِمَّا تَنَاقَضُوا فِيهِ وأما أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَلَّدَهُ: فَإِنَّهُمْ عَارَضُوا سَائِرَ مَا رُوِيَ بِأَنْ قَالُوا: لَمْ نَجِدْ فِي الآُصُولِ صِفَةَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَعْمَالِ قال أبو محمد: وَهَذَا ضَلاَلٌ يُؤَدِّي إلَى الاِنْسِلاَخِ مِنْ الإِسْلاَمِ لأَِنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنْ لاَ يُؤْخَذَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُنَّةٌ, وَلاَ يُطَاعَ لَهُ أَمْرٌ: إلاَّ حَتَّى يُوجَدَ فِي سَائِرِ الدِّيَانَةِ حُكْمٌ آخَرُ مِثْلُ هَذَا الَّذِي خَالَفُوا, وَمَعَ هَذَا فَهُوَ حُمْقٌ مِنْ الْقَوْلِ. وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ لاَ تُؤْخَذَ لِلَّهِ شَرِيعَةٌ إلاَّ حَتَّى تُوجَدَ أُخْرَى مِثْلُهَا وَإِلاَّ فَلاَ وَمَا نَدْرِي هَذَا يَجِبُ, لاَ بِدَيْنٍ، وَلاَ بِعَقْلٍ, وَلاَ بِرَأْيٍ سَدِيدٍ, وَلاَ بِقَوْلٍ مُتَقَدِّمٍ, وَمَا هُمْ بِأَوْلَى مِنْ آخَرَ, قَالَ: بَلْ لاَ آخُذُ بِهَا حَتَّى أَجِدَ لَهَا نَظِيرَيْنِ أَوْ مِنْ ثَالِثٍ قَالَ: لاَ حَتَّى أَجِدَ لَهَا ثَلاَثَ نَظَائِرَ وَالزِّيَادَةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ لاَ دِينَ لَهُ، وَلاَ عَقْلَ، وَلاَ حَيَاءَ ثُمَّ نَقَضُوا هَذَا فَجَوَّزُوا صَلاَةَ الْخَوْفِ كَمَا جَوَّزُوهَا, وَلَمْ يَجِدُوا لَهَا فِي الآُصُولِ نَظِيرًا, فِي أَنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُ فِي الصَّلاَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا مُخْتَارًا لِلْوُقُوفِ, لاَ يُصَلِّي بِصَلاَةِ إمَامِهِ, وَلاَ يُتِمُّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَجَوَّزُوا الْبِنَاءَ فِي الْحَدَثِ, وَلَمْ يَجِدُوا فِي الآُصُولِ لَهَا نَظِيرًا, أَنْ يَكُونَ فِي صَلاَتِهِ بِلاَ طَهَارَةٍ, ثُمَّ لاَ يَعْمَلُ عَمَلَ صَلاَتِهِ, وَلاَ هُوَ خَارِجٌ عَنْهَا, وَالْقَوْمُ لاَ يُبَالُونَ بِمَا قَالُوا وقال أبو حنيفة, وَمَالِكٌ: لاَ يَجْهَرُ فِي صَلاَةِ الْكُسُوفِ وَقَالَ مَنْ احْتَجَّ لَهُمْ: لَوْ جَهَرَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعُرِفَ بِمَا قَرَأَ قال أبو محمد: هَذَا احْتِجَاجٌ فَاسِدٌ, وَقَدْ عُرِفَ مَا قَرَأَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ هُوَ الرَّازِيّ، حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حدثنا ابْنُ نِمْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاَةِ الْكُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السَّلِيمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنِي أَبِي، حدثنا الأَوْزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً فَجَهَرَ بِهَا فِي صِفَتِهَا لِصَلاَةِ الْكُسُوفِ قال أبو محمد: قَطْعُ عَائِشَةَ, وَعُرْوَةَ, وَالزُّهْرِيِّ, وَالأَوْزَاعِيِّ بِأَنَّهُ عليه السلام جَهَرَ فِيهَا: أَوْلَى مِنْ ظُنُونِ هَؤُلاَءِ الْكَاذِبَةِ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنْ صَلاَةِ الْكُسُوفِ سُورَةً مِنْ الطُّوَلِ. فإن قيل: إنَّ سَمُرَةَ رَوَى فَقَالَ: إنَّهُ عليه السلام صَلَّى فِي الْكُسُوفِ لاَ نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا قلنا: هَذَا لاَ يَصِحُّ; لأَِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ إلاَّ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ, وَهُوَ مَجْهُولٌ, ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ, لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَجْهَرْ وَإِنَّمَا فِيهِ لاَ نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا وَصَدَقَ سَمُرَةُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ, وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعْهُ لَسَمِعَهُ كَمَا سَمِعَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنه الَّتِي كَانَتْ قَرِيبًا مِنْ الْقِبْلَةِ فِي حُجْرَتِهَا, وَكِلاَهُمَا صَادِقٌ ثُمَّ لَوْ كَانَ فِيهِ " لَمْ يَجْهَرْ " لَكَانَ خَبَرُ عَائِشَةَ زَائِدًا عَلَى مَا فِي خَبَرِ سَمُرَةَ, وَالزَّائِدُ أَوْلَى, أَوْ لَكَانَ كِلاَ الأَمْرَيْنِ جَائِزًا لاَ يُبْطِلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ, فَكَيْفَ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا قال أبو محمد: وَلاَ نَعْلَمُ اخْتِيَارَ الْمَالِكِيِّينَ رُوِيَ عَمَلُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم بِبَيَانِ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ فإن قيل: كَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الأَعْمَالُ صِحَاحًا كُلُّهَا وَإِنَّمَا صَلاَّهَا عليه السلام مَرَّةً وَاحِدَةً إذْ مَاتَ إبْرَاهِيمُ قلنا: هَذَا هُوَ الْكَذِبُ وَالْقَوْلُ بِالْجَهْلِ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عُمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي كُسُوفٍ فِي صِفَةِ زَمْزَمَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. فَهَذِهِ صَلاَةُ كُسُوفٍ كَانَتْ بِمَكَّةَ سِوَى الَّتِي كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ, وَمَا رَوَوْا قَطُّ عَنْ أَحَدٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ إلاَّ مَرَّةً ". وَكُسُوفُ الشَّمْسِ يَكُونُ مُتَوَاتِرًا, بَيْنَ كُلِّ كُسُوفَيْنِ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ قَمَرِيَّةٍ, فَأَيُّ نَكِرَةٍ فِي أَنْ يُصَلِّيَ عليه السلام فِيهِ عَشْرَاتٍ مِنْ الْمَرَّاتِ فِي نُبُوَّتِهِ صُورَةُ الْمَرَاصِدِ الْفَلَكِيَّةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وأما اقْتِصَارُنَا عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي صَلاَةِ كُسُوفِ الْقَمَرِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صَلاَةً إلاَّ مَثْنَى مَثْنَى, إلاَّ صَلاَةٌ جَاءَ نَصٌّ جَلِيٌّ صَحِيحٌ بِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ مَثْنَى أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مَثْنَى, كَمَا جَاءَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ, فَيُوقَفُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَلاَ تُضْرَبُ الشَّرَائِعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ, بَلْ كُلُّهَا حَقٌّ وَإِنَّمَا قلنا بِصَلاَةِ الْكُسُوفِ الْقَمَرِيِّ, وَالآيَاتِ فِي جَمَاعَةٍ, لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَيُصَلِّيهَا: النِّسَاءُ, وَالْمُنْفَرِدُ, وَالْمُسَافِرُونَ, كَمَا ذَكَرْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً أَوَّلُهَا: فِي آخِرِ خَاتِمَةِ سُورَةِ الأَعْرَافِ ثُمَّ فِي الرَّعْدِ ثُمَّ فِي النَّحْلِ ثُمَّ فِي " سُبْحَانَ " ثُمَّ فِي " كهيعص " ثُمَّ فِي الْحَجِّ فِي الآُولَى وَلَيْسَ قُرْبُ آخِرِهَا سَجْدَةٌ ثُمَّ فِي الْفُرْقَانِ ثُمَّ فِي النَّمْلِ ثُمَّ فِي " الم تَنْزِيلُ " ثُمَّ فِي " ص " ثُمَّ فِي " حم " فُصِّلَتْ ثُمَّ فِي " وَالنَّجْمِ " فِي آخِرِهَا. ثُمَّ فِي وَلَيْسَ السُّجُودُ فَرْضًا لَكِنَّهُ فَضْلٌ وَيَسْجُدُ لَهَا فِي الصَّلاَةِ الْفَرِيضَةِ وَالتَّطَوُّعِ, وَفِي غَيْرِ الصَّلاَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ, وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَاسْتِوَائِهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَعَلَى طَهَارَةٍ وَعَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. فأما السَّجَدَاتُ الْمُتَّصِلَةُ إلَى " الم تَنْزِيلُ " فَلاَ خِلاَفَ فِيهَا, وَلاَ فِي مَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهَا, إلاَّ فِي سُورَةِ النَّمْلِ, فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ قَالُوا: مَوْضِعُ السَّجْدَةِ فِيهَا عِنْدَ تَمَامِ قِرَاءَتِك وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ, بَلْ فِي تَمَامِ قِرَاءَتِك وَمَا تُعْلِنُونَ وَبِهَذَا نَقُولُ, لأَِنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَوْضِعِ ذِكْرِ السُّجُودِ وَالأَمْرِ بِهِ, وَالْمُبَادَرَةُ إلَى فِعْلِ الْخَيْرِ أَوْلَى. قَالَ تَعَالَى: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِي الْحَجِّ سَجْدَةٌ ثَانِيَةٌ قُرْبَ آخِرِهَا, عِنْدَ قوله تعالى: وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ: السُّجُودُ فِيهَا وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حدثنا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ يَقُولُ: صَلَّيْت خَلْفَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَسَجَدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ. وَعَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَجَدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ. وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِع ٍعن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ وَأَبَاهُ عُمَرَ كَانَا يَسْجُدَانِ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَوْ سَجَدْت فِيهَا وَاحِدَةً لَكَانَتْ السَّجْدَةُ فِي الآخِرَةِ أَحَبَّ إلَيَّ وَقَالَ عُمَرُ: إنَّهَا فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ سَجَدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ, وَأَبِي مُوسَى, وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. قال أبو محمد: أَيْنَ الْمُهَوِّلُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ, وَأَبِي حَنِيفَةَ بِتَعْظِيمِ خِلاَفِ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ خَالَفُوا هَهُنَا فِعْلَ عُمَرَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ, وَمَعَهُ طَوَائِفُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا, وَمَعَهُمْ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ, وَطَوَائِفُ مِنْ التَّابِعِينَ وَمِنْ بَعْدِهِمْ . وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ. وأما نَحْنُ فَلاَ حُجَّةَ عِنْدَنَا إلاَّ فِيمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ قَالُوا: قَدْ جَاءَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا خِلاَفٌ قلنا: لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ, إنَّمَا جَاءَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ: السُّجُودُ عَشْرٌ, وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ: لَيْسَ فِي " ص " سَجْدَةٌ فَبَطَلَ أَنْ يَصِحَّ عَنْهُ خِلاَفٌ فِي هَذَا. بَلْ قَدْ صَحَّ عَنْهُ السُّجُودُ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ عَلَى الْقُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ: أَفِي " ص " سَجْدَةٌ أَمْ لاَ وَإِنَّمَا قلنا: بِالسُّجُودِ فِيهَا; لأَِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السُّجُودُ فِيهَا, وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا فِي سُجُودِ الْخَطِيبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ. وَاخْتُلِفَ فِي السُّجُودِ فِي " حم ". فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: السَّجْدَةُ عِنْدَ تَمَامِ قوله تعالى: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَقَدْ وَجَدْنَا ذِكْرَ السُّجُودِ بِالْخَيْرِ لاَ سُجُودَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ. وَهُوَ قوله تعالى فِي آلِ عِمْرَانَ وَفِي قوله تعالى: وَكَذَلِكَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَصَحَّ عن ابْنِ مَسْعُودٍ, وَعَلِيٍّ: أَنَّهُمَا كَانَا لاَ يَرَيَانِ عَزَائِمَ السُّجُودِ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إلاَّ " الم " وَ " حم " وَكَانَا يَرَيَانِهِمَا أَوْكَدُ مِنْ سِوَاهُمَا وقال مالك: لاَ سُجُودَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ. وَرُوِيَ ذَلِك َعن ابْنِ عَبَّاسٍ, وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: وَخَالَفَهُمَا آخَرُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ, كَمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى, بَعْدَ أَنْ نَقُولَ: صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السُّجُودُ فِيهَا, وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَهُ، وَلاَ مَعَهُ حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ سَمِعْت الأَسْوَدَ بْنَ زَيْدٍ عن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ: وَالنَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا. حدثنا حمام بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي: وَالنَّجْمِ وَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ. وَبِهِ يَأْخُذُ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ لَهُمْ " وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى " فَسَجَدَ فِيهَا, ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِسُورَةٍ أُخْرَى, وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ بِالْمُسْلِمِينَ وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَرَأَ فِي صَلاَةِ الْعِشَاءِ بِ " وَالنَّجْمِ " فَسَجَدَ فِي آخِرِهَا, ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِ " وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ " فَرَكَعَ وَسَجَدَ, فَقَرَأَ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: الْعَزَائِمُ أَرْبَعٌ: " الم تَنْزِيلُ " " و حم السَّجْدَةُ " " وَالنَّجْمُ " " وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ, عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: عَزَائِمُ السُّجُودِ أَرْبَعٌ: الم تَنْزِيلُ " وَحُمَّ " " وَالنَّجْمُ " " وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى, وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا قَرَأَ بِ النَّجْمِ سَجَدَ. وَعَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ: سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّجْمِ وَلَمْ أَسْجُدْ وَكَانَ مُشْرِكًا حِينَئِذٍ. قَالَ: فَلَنْ أَدَعَ السُّجُودَ فِيهَا أَبَدًا أَسْلَمَ الْمُطَّلِبُ يَوْمَ الْفَتْحِ. فَهَذَا عُمَرُ, وَعُثْمَانُ, وَعَلِيٌّ, بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم, وَهُمْ يُشَنِّعُونَ أَقَلَّ مِنْ هَذَا. وَبِالسُّجُودِ فِيهَا يَقُولُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى, وَسُفْيَانُ, وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ, وَأَحْمَدُ, وَدَاوُد, وَغَيْرُهُمْ. قال أبو محمد: وَاحْتَجَّ الْمُقَلِّدُونَ لِمَالِكٍ بِخَبَرٍ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا. قال أبو محمد: لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا, فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ سُجُودَ فِيهَا, وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ السُّجُودَ فَرْضٌ فَقَطْ. وَهَكَذَا نَقُولُ: إنَّ السُّجُودَ لَيْسَ فَرْضًا, لَكِنْ إنْ سَجَدَ فَهُوَ أَفْضَلُ, وَإِنْ تَرَكَ فَلاَ حَرَجَ, مَا لَمْ يَرْغَبْ عَنْ السُّنَّةِ وَأَيْضًا: فَإِنَّ رَاوِيَ هَذَا الْخَبَرِ قَدْ صَحَّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لاَ يَعْتَمِدُ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَ، هُوَ ابْنُ قُسَيْطٍ فَالآنَ صَارَتْ رِوَايَتُهُ حُجَّةً فِي إبْطَالِ السُّنَنِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا يَدَّعُونَهُ وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِخَبَرٍ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ بَكْرٍ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْجُدُ بِمَكَّةَ بِالنَّجْمِ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ رَأَى أَبُو سَعِيدٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّهُ يَكْتُبُ سُورَةَ ص, فَلَمَّا أَتَى عَلَى السَّجْدَةِ: سَجَدَتْ الدَّوَاةُ, وَالْقَلَمُ, وَالشَّجَرُ, وَمَا حَوْلَهُ مِنْ شَيْءٍ. قَالَ: فَأَخْبَرْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَجَدَ فِيهَا, وَتَرَكَ النَّجْمَ فَهَذَا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ; لأَِنَّ بَكْرًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّنْ سَمِعَهُ, إلاَّ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ بُطْلاَنُ هَذَا الْخَبَرِ بِلاَ شَكٍّ لِمَا رُوِّينَاهُ آنِفًا مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ بِهِمْ فِي النَّجْمِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ مُتَأَخِّرُ الإِسْلاَمِ, وَإِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ, وَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ فِيهَا كَانَ إثْرَ قُدُومِهِ عليه السلام الْمَدِينَةَ, وَهَذَا بَاطِلٌ وَمَوَّهُوا بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ يَذْكُرُهُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْجُدْ فِي الْمُفَصَّلِ مُذْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ. وَهَذَا بَاطِلٌ بَحْتٌ, لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَلِمَا نَذْكُرُهُ إثْرَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِلَّةُ هَذَا الْخَبَرِ هُوَ أَنَّ مَطَرًا سَيِّئُ الْحِفْظِ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ الْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنْ النَّافِي, وَلاَ عَمَلَ أَقْوَى مِنْ عَمَلِ عُمَرَ, وَعُثْمَانَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ بِالْمَدِينَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَذَكَرُوا أَحَادِيثَ مُرْسَلَةً سَاقِطَةً, لاَ وَجْهَ لِلاِشْتِغَالِ بِهَا لِمَا ذَكَرْنَا وأما إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا قَالَ حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ, وَمُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالاَ حدثنا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَجَدَ فِي إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ, فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ, أَلَمْ أَرَكَ تَسْجُدُ قَالَ: لَوْ لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لَمْ أَسْجُدْ بِهَا. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمِثْلِهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي: إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ. قال أبو محمد: هَذَا يُكَذِّبُ رِوَايَةَ مَطَرٍ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا وَمِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَرُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ كَالشَّمْسِ, اكْتَفَيْنَا مِنْهَا بِهَذَا. وَبِهَذَا يَأْخُذُ عَامَّةُ السَّلَفِ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ, وَالْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ كُلُّهُمْ قَالَ حدثنا قُرَّةُ، هُوَ ابْنُ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " سَجَدَ: أَبُو بَكْرٍ, وَعُمَرُ فِي: وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ, وَابْنِ مَسْعُودٍ آنِفًا: عَزَائِمُ السُّجُودِ: " الم " " وَحُمَّ " " وَالنَّجْمُ " وَ وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ: قَرَأَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ, وَشُرَيْحٍ, وَالشَّعْبِيِّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمَرَ النَّاسَ بِذَلِكَ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ, وَالأَوْزَاعِيِّ, وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ, وَالشَّافِعِيِّ, وَأَحْمَدَ, وَإِسْحَاقَ, وَدَاوُد, وَأَصْحَابِهِمْ, وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وأما سُجُودُهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ, وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ كَيْفَ مَا يُمْكِنُ فَلاَِنَّهَا لَيْسَتْ صَلاَةً, وَقَدْ قَالَ عليه السلام: صَلاَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى فَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ إلاَّ أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ بِأَنَّهُ صَلاَةٌ, كَرَكْعَةِ الْخَوْفِ, وَالْوِتْرِ, وَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ, وَلاَ نَصَّ فِي أَنَّ سَجْدَةَ التِّلاَوَةِ: صَلاَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله تعالى عنه, وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: تُومِئُ الْحَائِضُ بِالسُّجُودِ قَالَ سَعِيدُ: وَتَقُولُ: رَبِّ لَك سَجَدْت. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ: جَوَازُهَا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ.
سُجُودُ الشُّكْرِ 557 - مَسْأَلَةٌ سُجُودُ الشُّكْرِ حَسَنٌ, إذَا وَرَدَتْ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمَرْءِ نِعْمَةٌ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ السُّجُودُ, لأَِنَّ السُّجُودَ فِعْلُ خَيْرٍ, وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ نَهْيٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . بَلْ قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَمِعْت الأَوْزَاعِيَّ قَالَ حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ، حدثنا مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيُّ قَالَ: لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ, أَوْ قُلْتُ: مَا أَحَبُّ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ تَعَالَى, فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا دَرَجَةً, وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً قَالَ مَعْدَانُ: ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ لِي ثَوْبَانُ. قال أبو محمد: الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِفَضْلِهِ وَعَمَلِهِ, وَبَاقِي الإِسْنَادِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عنهم وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا السُّجُودَ إنَّمَا هُوَ سُجُودُ الصَّلاَةِ خَاصَّةً, وَمَنْ أَقْدَمَ عَلَى هَذَا فَقَدْ قَالَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْهُ, بَلْ كَذَبَ عَلَيْهِ, إذْ أَخْبَرَ عَنْ مُرَادِهِ بِالْغَيْبِ وَالظَّنِّ الْكَاذِبِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُ فَتْحُ الْيَمَامَةِ: سَجَدَ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ لَمَّا وَجَدَ ذُو الثِّدْيَةِ فِي الْقَتْلَى: سَجَدَ, إذْ عَرَفَ أَنَّهُ فِي الْحِزْبِ الْمُبْطِلِ, وَأَنَّهُ هُوَ الْمُحِقُّ وَصَحَّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ تَخَلُّفِهِ عَنْ تَبُوكَ: أَنَّهُ لَمَّا تِيبَ عَلَيْهِ: سَجَدَ، وَلاَ مُخَالِفَ لِهَؤُلاَءِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَصْلاً, وَلاَ مَغْمَزَ فِي خَبَرِ كَعْبٍ أَلْبَتَّةَ.
|